كشف باحثون في جامعة بولونيا الإيطالية عن سبب محتمل يجعل بعض الأشخاص يكررون اتخاذ قرارات خاطئة رغم التعلم والخبرة. وأظهرت الدراسة المنشورة في مجلة JNeurosci أن الاعتماد المفرط على المؤشرات البصرية والسمعية المحيطة يمكن أن يصعّب تعديل المعتقدات عند تغير دلالتها، ما يؤدي إلى تكوّن أنماط سلوكية ضارة على المدى الطويل.
ركزت الدراسة على التعلم الترابطي، وهي عملية نفسية وعصبية يربط فيها الفرد مؤشرات معينة بنتائج محددة لتوقع النتائج المستقبلية. وأوضحت أن هذه الروابط تساعد في اتخاذ قرارات سريعة، لكنها قد تصبح مضرة إذا لم تُحدّث عند تغير الظروف، ما يجعل الشخص يعتمد على مؤشرات قديمة ويكرر الأخطاء.
وأظهرت التجارب أن الأشخاص ذوي الحساسية العالية للمؤشرات البيئية، مثل الصور أو الأصوات، يواجهون صعوبة في تعديل توقعاتهم عند تحول دلالات هذه المؤشرات إلى مخاطر أكبر، ما يزيد احتمالية اتخاذ قرارات ضارة أو غير فعالة بشكل متكرر. وتبرز هذه الظاهرة بشكل أكبر لدى من يعانون من اضطرابات مثل القلق، أو السلوك القهري، أو الإدمان.
وأكد الباحثون أن معرفة الأفراد ذوي الحساسية العالية للمؤشرات الخارجية قد تساعد في توجيه التدخلات العلاجية، مثل إعادة تدريب الدماغ عبر العلاج السلوكي المعرفي أو برامج تربوية لتعزيز مرونة اتخاذ القرار. وقد يحمل هذا الأمل للأشخاص المصابين بالإدمان أو الاضطرابات القهرية لتقليل السلوكيات المتكررة الضارة وتحسين اتخاذ القرارات.
كما أشارت الدراسة إلى أهمية فهم تأثير البيئة المحيطة على السلوك، خاصة في العصر الرقمي، حيث يمكن للصور والأصوات المحفزة على وسائل التواصل والإعلانات الرقمية أن تعزز أنماطاً سلوكية معينة، ما يفاقم اتخاذ قرارات متهورة أو عالية المخاطر لدى الأشخاص ذوي الحساسية العالية للمؤشرات.
ويخطط الباحثون لمواصلة دراساتهم على مجموعات أكبر لفهم العلاقة بين التعلم الترابطي والحساسية للمؤشرات والقدرة على تعديل المعتقدات، بهدف تطوير تدخلات علاجية أو وقائية لتعزيز اتخاذ قرارات عقلانية وتحسين السلوك اليومي في مختلف المجالات.