الاحصاء والنقد: الاقتصاد الفلسطيني عاش ركوداً في 2025 وتوقعات قاتمة للعام المقبل

21 ديسمبر 2025 12:58 م

فلسطين المحتلة_مصدر الاخبارية:

قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية، إن الاقتصاد الفلسطيني بقي غارقاً في ركود عميق خلال 2025، متوقعاً استمرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية القائمة دون حدوث تغيّرات جوهرية العام المقبل.

وأضافا في بيان صحفي مشترك أنه على الرغم من تسجيل الاقتصاد الفلسطيني ارتفاعاً حسابياً بنسبة 4% في عام 2025 مقارنة بالعام 2024، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لا يزال يُظهر ركوداً ممتداً، حيث انخفض بمعدل 24% عن مستواه في عام 2023، ويعكس هذا التراجع حجم الضرر التراكمي الذي لحق بالاقتصاد منذ بدء عدوان الإحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما أدى إلى تضرر القدرة الإنتاجية واستمرار الاختناقات في الأنشطة الاقتصادية.

وأشارت إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سجل خلال عام 2025 انخفاضاً حاداً في قطاع غزة بلغت نسبته 84% مقارنة بالعام 2023، في حين تراجع في الضفة الغربية بنسبة 13% خلال الفترة ذاتها. ورغم تسجيل الضفة الغربية ارتفاعاً محدوداً بنسبة 4.4% في عام 2025 مقارنة بالعام 2024، إلا أن الناتج المحلي في قطاع غزة واصل الانكماش ليسجل تراجعاً إضافياً بنسبة 8.7% خلال نفس الفترة.

وأرجعا، النمو المسجل في 2025 إلى تحسن نسبي في بعض القطاعات الإنتاجية وعودة النشاط التجاري بشكل محدود مقارنة بالعام 2024، إلا أن مستوى الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين لا يزال أدنى بكثير من مستوياته ما قبل العدوان، ما يؤكد أن الاقتصاد الفلسطيني لم يستعد بعد قدرته الإنتاجية، وأن مسار التعافي ما يزال هشّاً ومقيداً بتداعيات العدوان واستمرار القيود المفروضة.

وأوضحا أن الاقتصاد الفلسطيني يعتبر إقتصاد خدمي، أي أن حوالي 60% من الاقتصاد الفلسطيني هو خدمات مقابل أن القطاعات الإنتاجية الداعمة للنمو الاقتصادي تشكل حوالي 19% فقط من مجمل هذا الاقتصاد، وهو ما يدلل على أن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد متغير، يتأثر بالصدمات بشكل كبير.

ووفقاً لهما فإنه "خلال العام 2025 تراجعت معظم الأنشطة الاقتصادية في فلسطين مقارنة بالعام 2023، حيث سجل نشاط الإنشاءات أعلى تراجع بنسبة بلغت 41% بواقع (29% في الضفة الغربية، و99% في قطاع غزة) لتبلغ قيمته 296 مليون دولار أمريكي، تلاه نشاط الصناعة بنسبة تراجع 25% (21% في الضفة الغربية، و94% في قطاع غزة) ليصل الى 1,155 مليون دولار أمريكي، ثم نشاط الخدمات بنسبة تراجع 25% (12% في الضفة الغربية، و82% في قطاع غزة) وبقيمة وصلت إلى 6,794مليون دولار أمريكي، كما تراجع نشاط الزراعة بنسبة 18% (ثبات في الضفة الغربية، وتراجع 92% في قطاع غزة) ليصل إلى 686 مليون دولار أمريكي".

ولفتا إلى أن حجم التبادل التجاري في فلسطين مع العالم الخارجي انخفاضاً نسبته 12%، حيث سجلت الوارادات انخفاضاً بنسبة 17% لتبلغ 7,881 مليون دولار أمريكي خلال العام 2025 مقارنة بالعام 2023، وتشكل الواردات الفلسطينية حوالي ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات الفلسطينية.

بينما شهدت قيمة صادرات السلع والخدمات في فلسطين ارتفاعاً بنسبة 5% لتصل الى 2,856 مليون دولار أمريكي، ويعزى هذا الارتفاع الى ان معظم الصادرات الفلسطينية تأتي من الضفة الغربية والتي شهدت ارتفاعاً نسبياً خلال نفس الفترة، وهو ما يعكس مستوى العجز المضطرد في الميزان التجاري الفلسطيني، في حين شهدت الصادرات والواردات خلال العام 2025 ارتفاعاً بنسبة 18% و 20% على التوالي مقارنة بالعام 2024 في حين لا زالت اقل من مستوياتها ما قبل العدوان الاسرائيلي.

ومن الجدير بالذكر ان أكبر حصة وصل إليها التبادل التجاري مع العالم الخارجي في قطاع غزة كانت في عام 2003 بنسبة بلغت 29% من إجمالي تجارة فلسطين، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى أقل من 4% خلال عدوان الإحتلال الإسرائيلي، حيث إن التوقف شبه التام في سلاسل الإمداد من وإلى قطاع غزة، أدى إلى كارثة صحية وغذائية في جميع أنحاء قطاع غزة، نتيجة النقص الحاد في السلع الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية والمواد الغذائية، حيث يتم توفيرها بمستويات دنيا لا تتجاوز4% من الكميات التي يجب أن تُقدم فعلياً إلى قطاع غزة.

وأكد أن سوق العمل الفلسطيني لا يزال يعاني من تحديات جسيمة في ظل استمرار الآثار الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. فعلى الرغم من التحسن الطفيف في مؤشرات البطالة والمشاركة في القوى العاملة خلال عام 2025، إلا أن الأرقام ما تزال تعكس حالة من الركود والتفاوت الحاد بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأفاد بيان الاحصاء والنقد بتعطل حوالي نصف القوى العاملة في فلسطين حيث بلغ معدل البطالة 46% خلال العام 2025، بواقع 28% في الضفة الغربية و 78% في قطاع غزة. وهو ما يعكس المستوى المرتفع في معدلات البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة رغم التغيرات الطفيفة في تلك النسب حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل اكثر من 650 الف متعطل عن العمل.

ورغم هذا الواقع الصعب، شهدت نسبة المشاركة في القوى العاملة ارتفاعاً خلال العام 2025 لتصل إلى 43.7%، ويعود هذا الارتفاع جزئياً إلى محاولات الأفراد الانخراط في أي شكل من أشكال العمل أو البحث عن فرص معيشية بديلة بعد العدوان. وقد بلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 43%، بينما سجلت في قطاع غزة 38%، ولا تزال نسب المشاركة أقل من مستوياتها ما قبل الحرب في عام 2023.

وعلى مستوى الأسعار في فلسطين خلال عام 2025، فقد ارتفعت حوالي 11% مقارنة بعام 2024، نتيجة للارتفاع الحاد في قطاع غزة بحوالي 22% بالرغم من تراجعها الطفيف في الضفة الغربية بحوالي 0.13%، حيث استمر الحصار الخانق شبه الكامل على قطاع غزة والذي أدى الى النقص الحاد في السلع التي تدخل إلى قطاع غزة، إضافةً لتأثر فلسطين بالوضع الإقليمي.

وحول التنبؤات الاقتصادية للعام 2026، يُتوقع أن ينعكس تأثيرها على أداء القطاعات المختلفة، ولا سيما القطاع الحقيقي، والقطاع المالي، والقطاع الخارجي.

وتشير الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها سيناريو الأساس لعام 2026 إلى استمرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية القائمة دون حدوث تغيّرات جوهرية. ويفترض السيناريو بقاء القيود المشددة المفروضة على حركة الأفراد والبضائع والمعابر، مع استمرار محدودية النشاط الاقتصادي في قطاع غزة نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية الإنتاجية، واقتصار النشاط على نطاق ضيق مرتبط بالمساعدات الإنسانية وعمليات الإغاثة. كما يفترض السيناريو استمرار تعطل جزء كبير من العمالة الفلسطينية عن الوصول إلى سوق العمل داخل إسرائيل، بما ينعكس سلباً على مستويات الدخل والطلب المحلي.

وعلى صعيد المالية العامة، يفترض السيناريو استمرار الضغوط على الموازنة العامة للحكومة الفلسطينية، في ظل عدم انتظام تحويل إيرادات المقاصة واستمرار الاقتطاعات الإسرائيلية، إلى جانب تراجع الإيرادات المحلية بفعل ضعف النشاط الاقتصادي. كما يفترض السيناريو بقاء مستويات المنح والمساعدات الخارجية عند حدودها المتدنية الحالية، وفي القطاع الخارجي، يُتوقع أن يستمر الأداء متأثراً بالقيود والعراقيل الإسرائيلية المفروضة على حركة الأفراد والبضائع والمعابر.

وفي ضوء هذه الافتراضات، تُقدّر التنبؤات أن يسجل الاقتصاد الفلسطيني ارتفاعاً ما بين (4.1% - 4.5%) خلال عام 2026. ويعكس هذا الارتفاع استمرار مسار التعافي التدريجي الذي بدأ بعد الانكماش الحاد المسجل في عام 2024، دون أن يشير إلى تعافٍ واسع أو استعادة فعلية للقدرة الإنتاجية. ويُعزى هذا النمو بالأساس إلى تحسن محدود في مكونات الطلب الكلي، ولا سيما الاستهلاك النهائي، المدعوم باستمرار تدفقات المساعدات الإنسانية والتحويلات الخاصة، إضافة إلى مساهمة إيجابية جزئية للإنفاق الاستثماري.

المقالات المرتبطة

تابعنا على فيسبوك