أكبر مؤسسة صحية في البرازيل تتهم "إسرائيل" بالإبادة وتطالب بالانتقال إلى إجراءات ملموسة ضدها

22 نوفمبر 2025 12:00 ص

وكالات-مصدر الإخبارية

 

قدّم "تجمع أصوات فيوكروز من أجل فلسطين"، وهو تجمع مهني–بحثي داخل مؤسسة "فيوكروز" البرازيلية، بياناً موسعاً يدعو الحكومة الفيدرالية إلى إعادة تقييم العلاقات مع "إسرائيل" ضمن إطار يعتبر أن ما يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة يشكل "إبادة جماعية" وفق القانون الدولي، ويحمّل القطاع الصحي، باعتباره أحد أكثر القطاعات ارتباطاً بحماية الحياة البشرية، مسؤولية أخلاقية ومؤسسية تمنعه من البقاء محايداً.

وتُعد "فيوكروز" المؤسسة العلمية الصحية الأكبر في البرازيل وأحد أهم مراكز الأبحاث الطبية في أميركا اللاتينية، ما يمنح البيان ثقلاً استثنائياً، خاصة أنه صادر من داخل هيئة تُعد مرجعاً للدولة في السياسات الصحية العامة.

يحمل البيان عنوان "الصحة دائماً ستكون ضد الإبادة"، ويستعرض،  ما يصفه بأنه ممارسات إسرائيلية "ممنهجة" تهدف إلى القضاء على مقومات الحياة في غزة، ويؤكد أن تدمير السكان أو جزء منهم، بما يشمل تدمير شروط بقائهم، يعرّفه القانون الدولي على أنه "إبادة جماعية". ويشير إلى أن الحرب الجارية تتم تحت مرأى العالم، في ظل تدفق غير مسبوق للمعلومات والصور، ما يجعل "الصمت شكلاً من أشكال التواطؤ".

ويشدد البيان على أن الوقوف إلى جانب الضحايا "ليس موقفاً سياسياً فئوياً، بل التزاماً أخلاقياً يرتبط بجوهر مهنة الصحة العامة"، لافتاً إلى أن مئات العاملين الصحيين في غزة تم قتلهم أو اعتقالهم، وأن الهجمات على المستشفيات ومخازن الأدوية والبنى الصحية لم تكن حوادث عشوائية، بل "نهجاً ممنهجاً" يرمي إلى تفكيك النظام الصحي الفلسطيني ومنع تقديم الرعاية للمدنيين.

ويورد البيان أرقاماً تتعلق بالخسائر البشرية، بما فيها تقديرات فلسطينية بوجود أكثر من 65 ألف شهيد، إضافة إلى أرقام نشرها باحثون دوليون في مجلة "ذا لانسيت" قدّرت أن نسبة الوفيات قد تصل إلى 7.9% من السكان، مع تدمير واسع للبنية التحتية ومنع المساعدات الإنسانية وتفشي الجوع والأمراض.

ويعرض كذلك تقارير حول استشهاد 1200 عامل في القطاع الصحي واعتقال 384 آخرين، ربعهم من الأكثر خبرة.

ويصف البيان "إسرائيل" بأنها "دولة استعمارية عنصرية" تستخدم الأراضي الفلسطينية "مختبراً لتجربة أسلحة وتقنيات قمع" تُصدَّر لاحقاً لقوات أمنية في دول أخرى، من بينها الشرطة البرازيلية التي تنفذ عمليات ميدانية تنطوي على أنماط عنف مشابهة في الأحياء الفقيرة والمجتمعات المهمشة.

ويؤكد "تجمع أصوات فيوكروز" أن الاكتفاء ببيانات التنديد الدولية غير كافٍ، وأن المطلوب هو الانتقال إلى إجراءات ملموسة، داعياً الحكومة البرازيلية إلى اعتماد سياسة فك ارتباط تدريجية تقوم على وقف التعاون العلمي والتقني بين المؤسسات البرازيلية ونظيراتها الإسرائيلية، ومراجعة الاتفاقات المتعلقة بالتكنولوجيا الأمنية ضمن إطار حقوق الإنسان، وتعليق التعاون العسكري والشرطي بسبب "مخاطر السمعة المؤسسية"، إضافة إلى دعم مبادرات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) بوصفها "أداة ضغط أثبتت فعاليتها تاريخياً".

ويقدّم البيان مقارنة واضحة بين الوضع الحالي في فلسطين وتجربة جنوب إفريقيا في زمن "الأبارتهايد"، مؤكداً أن عزل النظام العنصري في بريتوريا كان عاملاً حاسماً في سقوطه، وأن النهج نفسه يجب أن يُعتمد اليوم تجاه "إسرائيل".

ويضيف أن على المؤسسات العلمية، ومنها "فيوكروز"، مسؤولية خصوصية بحكم دورها العام، وأن استمرار بعض التعاون العلمي مع مؤسسات إسرائيلية "يتناقض مع معايير الصحة العامة التي تربط بين الحق في الحياة والعدالة الاجتماعية والسيادة الصحية". ويشير إلى أن البعد الأخلاقي "ليس شأناً ثانوياً" وإنما جزء من "هوية فيوكروز التاريخية."

كما يتطرق البيان إلى البعد السياسي الداخلي، موضحاً أن تضامن المؤسسات البرازيلية مع فلسطين يعكس "التزاماً عالمياً" بقيم مناهضة الاستعمار والعنصرية، ويعزز دور البرازيل في الدفاع عن حقوق الإنسان في المحافل الدولية. وينتهي بعبارة تؤكد أن "الدفاع عن الشعب الفلسطيني جزء من مسؤولية العاملين الصحيين في مواجهة أي مشروع يهدد الحق في الحياة".

الموقعون:
يحظى البيان بدعم مؤسسي واسع من جهات ناشطة في المشهد الاجتماعي والعلمي البرازيلي، تشمل:
المركز الموحد للعمال، مركز العمال والعاملات في البرازيل، حركة العمال الريفيين بلا أرض، حركة العمال بلا سقف، اتحاد السود والسود من أجل المساواة، الاتحاد الوطني لجمعيات الأحياء، الاتحاد الوطني للطلاب، الجمعية الوطنية لطلاب الدراسات العليا، الجمعية البرازيلية للصحة الجماعية، المركز البرازيلي لدراسات الصحة، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS).

كما يلقى دعماً من شخصيات بارزة في قطاع الصحة والبحث العلمي، بينها:
خوسيه غوميش تيمبوراو، وزير الصحة السابق، جورجي برموديز، الخبير في سياسات الأدوية، سيسيليا مينايو، المرجعية في العلوم الاجتماعية للصحة، هيرمانو كاسترو، المختص في الصحة المهنية، غابرييلا كوستا تشافيس، الباحثة في السياسات الدوائية، فيرجينيا فونتيس، الأكاديمية في الدراسات الاجتماعية، باولو أماراتي، أحد أبرز رموز الإصلاح النفسي في البرازيل.

ويوفّر هذا التحالف بين المؤسسات والشخصيات وزناً مهنياً وسياسياً يعزز قدرة البيان على التحول إلى توصيات عملية يمكن للحكومة البرازيلية النظر فيها ضمن ملف علاقاتها الخارجية.

كان مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 30" المنعقد في مدينة بيلم شمالي البرازيل بين10 و21 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مسرحاً لاحتجاجات واسعة ضد المشاركة الإسرائيلية، بعدما حضر وفد إسرائيلي صغير يضم ثلاثة أشخاص فقط ومن دون جناح رسمي. وقد تحوّل مدخل المنطقة الزرقاء إلى نقطة تجمع لمتظاهرين رفعوا الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات مناوئة لإسرائيل، بينها "إسرائيل قاتلة" و"دولة إبادة جماعية" و"الحرية لفلسطين"، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وكان المحتجون قد اعتبروا أن وجود ممثلي "إسرائيل" في المؤتمر "تدنيس لروح التضامن المناخي"، مؤكدين أن الدولة التي "تشن حرباً مدمرة على غزة" لا يمكن أن تكون جزءاً من نقاش دولي حول العدالة البيئية.

 

المقالات المرتبطة

تابعنا على فيسبوك