أسرى بلا طفولة: الاحتلال يصعّد حربه على الأطفال اعتقالًا وتعذيبًا وتجويعًا

20 نوفمبر 2025 01:25 م

رام الله- مصدر الإخبارية

أصدرت مؤسسات الأسرى، اليوم الخميس، تقريراً خاصاً بمناسبة يوم الطفل العالمي (20 نوفمبر/تشرين الثاني)، كشفت فيه عن حجم الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكدة أن منظومة الاحتلال تمارس تدميراً منظماً للبنية الجسدية والنفسية للأطفال المعتقلين.

وأشار التقرير إلى أن الاحتلال اعتقل خلال فترة زمنية قصيرة أكثر من 1,630 طفلاً في الضفة بما فيها القدس، إضافة إلى عشرات الأطفال من غزة الذين اختُطفوا خلال الحرب. وأوضحت المؤسسات أن عمليات الاعتقال لا تتم وفق أي إجراءات قانونية، بل ترافقها اقتحامات للمنازل، وملاحقات ميدانية، واعتقالات من الشوارع والطرق والحواجز، وحتى من داخل المدارس.

ووفق التقرير، فإن الاحتلال يتبع سلسلة من الممارسات المنظمة بحق الأطفال الأسرى، من بينها الإخفاء القسري ومنع الزيارات، ما يحول دون معرفة أعداد الأطفال المحتجزين بدقة، ويكشف في الوقت ذاته اتساع دائرة الاستهداف لهذه الفئة.

وتؤكد شهادات المحررين من الأطفال أن سلطات الاحتلال تعمدت عزلهم فور اعتقالهم، وتعرضهم لكافة أشكال الضرب والإيذاء الجسدي، إلى جانب احتجازهم في غرف ضيقة تفتقر للحد الأدنى من الظروف الإنسانية. وتشير البيانات الموثقة إلى أن معظم الأطفال مرّوا على الأقل بنوع واحد من التعذيب النفسي أو الجسدي، بما يتعارض بشكل صريح مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطفل.

ويفصّل التقرير مراحل التعذيب التي يتعرض لها الأطفال، بدءًا من لحظة مداهمة المنازل عادة في ساعات الفجر، ومروراً بعمليات التحقيق القاسية، ووصولاً إلى الحياة اليومية داخل السجون التي تُحوّل أقسام الاحتجاز إلى بيئة خانقة، مليئة بالاكتظاظ، والبرد، وسوء التهوية، ونقص الملابس والأغطية.

تدهور صحي ممنهج

وتحدثت المؤسسات عن انهيار شبه كامل للرعاية الصحية المقدمة للأطفال داخل السجون، خاصة منذ بداية الحرب على غزة، حيث انتشرت الأمراض الجلدية وعلى رأسها "السكابيوس" (الجرب) بفعل الاكتظاظ وحرمان الأسرى من مواد النظافة.

وأوضحت أن الأطفال لا يحصلون إلا على مسكنات بسيطة، بينما تُرفض عمليات النقل إلى المستشفيات حتى في الحالات المتدهورة، إضافة إلى سياسة التجويع التي أدت إلى تدهور عام في صحة الأطفال وظهور أمراض خطيرة بينهم.

الطفل الشهيد وليد أحمد… ضحية التجويع

ويستعرض التقرير استشهاد الطفل الأسير وليد خالد أحمد من بلدة سلواد – رام الله، الذي قضى جوعاً داخل سجن "مجدو" في مارس/ آذار الماضي.

وأظهرت النتائج الطبية وجود علامات واضحة على الهزال الشديد، وفقدان شبه كامل للدهون والعضلات، وانتفاخات هوائية خطيرة داخل الصدر والبطن، إضافة إلى طفح جلدي واسع ناتج عن الجرب. وأكدت نتائج التشريح أن التجويع المتعمد والجفاف كانا السبب الرئيسي لاستشهاده.

أطفال غزة… مأساة مضاعفة

أما في قطاع غزة، فقد أشار التقرير إلى أن الاحتلال اعتقل عشرات الأطفال خلال حملات الاعتقال الواسعة منذ بدء الحرب، إلا أن الإخفاء القسري ومنع الزيارات جعلا من شبه المستحيل تحديد عددهم. وتكشف الشهادات أن الأطفال تعرضوا لأساليب قاسية من التعذيب، واستخدموا كدروع بشرية، وتعرضوا للحرمان من الغذاء والدواء والملابس، كما وثّقت شهادات مرعبة عن اعتقال أطفال غزة في معسكر "سديه تيمان"، حيث ظلوا مكبلين لأشهر طويلة.

وأضاف التقرير أن الاحتلال صنّف الكثير من الأطفال الأسرى من غزة ضمن فئة "مقاتل غير شرعي"، وهو توصيف قانوني خطير سمح بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك التعذيب الممنهج الذي أدى إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة.

الاعتقال الإداري… سيف بلا محكمة

وأشار التقرير إلى تصاعد لافت في استخدام سياسة الاعتقال الإداري بحق الأطفال، حيث يتجاوز عدد الأطفال المحتجزين إداريًا اليوم 90 طفلاً بلا لوائح اتهام، وبلا محاكمات، ليجدوا أنفسهم في حالة احتجاز مفتوحة قابلة للتمديد إلى ما لا نهاية، في مخالفة صارخة لكل الأعراف والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الطفل.

شهادات تعكس حجم الكارثة

وتنزف عشرات الشهادات التي وثقتها مؤسسات الأسرى تفاصيل قاسية، أبرزها إجبار جنود الاحتلال لأطفال غزة على خلع ملابسهم بالكامل، وبقاؤهم ساعات طويلة وهم مقيدون، إضافة إلى عمليات التعذيب بالكلاب، والضرب المبرح، والإهمال الطبي، والمنع التام من الزيارات، والتجويع المستمر.

وخَلص التقرير إلى أن جميع هذه الممارسات تشكل منظومة متكاملة من الانتهاكات الهادفة إلى تحطيم الأطفال الفلسطينيين جسدياً ونفسياً، في انتهاك مباشر لكل الاتفاقيات الدولية، وفي ظل غياب أي محاسبة أو ضغط دولي لوقف هذه الجرائم.

المقالات المرتبطة

تابعنا على فيسبوك