قطاع غزة - مصدر الإخبارية
يواصل قطاع غزة دفع ثمنًا باهظًا رغم دخول وقف إطلاق النار يومه السابع والثلاثين، إذ أعلنت وزارة الصحة وصول سبعة عشر شهيدًا خلال الساعات الاثنتين والسبعين الماضية، بينهم شهيدان جديدان وخمسة عشر جثمانًا جرى انتشالهم، إضافة إلى ثلاث إصابات.
ووفق الإحصاءات الرسمية، ارتفع عدد الشهداء منذ بدء الهدنة في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2025 إلى مئتين وستة وستين شهيدًا، بينما بلغ عدد الإصابات ستمئة وخمسًا وثلاثين، في حين وصلت حالات الانتشال إلى خمسمئة وثماني وأربعين.
أمّا الحصيلة التراكمية للعدوان منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد ارتفعت إلى تسعة وستين ألفًا وأربعمئة وثلاثة وثمانين شهيدًا وأكثر من مئة وسبعين ألف مصاب، مع إضافة مئتين وتسعة وسبعين شهيدًا بعد استكمال بياناتهم واعتمادهم رسميًا.
ورغم توقف القصف الواسع، فإن المعاناة الإنسانية تتجدد في ظل دخول القطاع في منخفض جوي أثّر بقسوة على عشرات الآلاف من النازحين المقيمين داخل خيام مهترئة لم تصمد أمام أولى الأمطار. وأكد الدفاع المدني أن الاحتلال لم يلتزم بإدخال الخيام الجديدة، وأن ما وصل من مساعدات لا يغطي سوى 15% من الاحتياجات الأساسية، الأمر الذي يحدّ من القدرة على الاستجابة لنداءات الاستغاثة المتزايدة.
وتزامن ذلك مع تحذيرات أطلقتها وكالة أونروا، التي قالت إن ما يدخل غزة من مساعدات لا يتجاوز نصف الكمية اليومية المطلوبة، في وقت لا تزال العائلات تواجه شتاءً قارسًا ونقصًا حادًا في الطعام والمياه والأدوية.
كما أعلنت الأمم المتحدة أن الأمطار الأخيرة تسببت في أضرار واسعة لأكثر من ثلاثة عشر ألف أسرة، معظمها فقدت ما تبقى من ممتلكاتها نتيجة الفيضانات وتسرب المياه.
ميدانيًا، رصدت غارات إسرائيلية محدودة خلف الخط الأصفر شرق غزة وخانيونس، وإطلاق نار في رفح، في خرق جديد للتهدئة، فيما تتصاعد التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى “الاستعداد لمرحلة هجوم واسع” في المناطق الشرقية للقطاع.
في المقابل، شددت حركة حماس على أن أي ترتيبات دولية يجب أن تضمن عدم عودة الحرب وأن تفرض انسحابًا كاملاً من القطاع، مع التأكيد على رفض تدخل قوات حفظ السلام في الحياة المدنية.
وفي تطور لافت، كشفت صحيفة بريطانية عن خطط أميركية لتقسيم القطاع إلى منطقتين: “خضراء” مهيّأة لبدء الإعمار تحت إشراف قوات دولية وإسرائيلية، وأخرى “حمراء” تبقى في حالة دمار، ضمن تصور طويل الأمد لما بعد الحرب. ومع اقتراب جلسة مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار الأميركي بشأن خطة الرئيس دونالد ترامب، تتزايد مخاوف تل أبيب من ضغوط واشنطن للمضي في المرحلة الثانية من الاتفاق، في ظل غياب دول مستعدة لإرسال قوات إلى غزة.
وفي الوقت الذي تتشابك فيه الملفات السياسية والميدانية، يبقى المدنيون في غزة الحلقة الأضعف، محاصرين بين برد الشتاء، واشتداد الأزمة الإنسانية، وتعثّر المساعدات، وخشية دائمة من أن تتحول الهدنة المؤقتة إلى معاناة مفتوحة بلا أفق.