صيادو غزة بين إرهاب البحر وخراب البر

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم الناشط: زكريا بكر

المختص في الدفاع عن حقوق الصيادين

يُعد قطاع الصيد أحد أكثر القطاعات التي عصفت به الأضرار والخسائر غير المسبوقة بعرض البحر، وفي الآن نفسه تلقى تهميش ومضايقات غير إنسانية من قبل الجهات المسؤولة فوق سطح اليابسة، ففي عرض البحر وعلى مدار ستة عشر عاماً مضت مارست زوارق الاحتلال الحربي كافة أنماط الجرائم من قبيل القتل والاعتقال والاستيلاء على مراكب الصيد وتدميرها وإتلاف معداتها، حتى أن موانئ ومراسي الصيد لم تسلم من القصف الجوي والبحري، هذا إلى جانب إهانة وإذلال الصيادين أثناء رحلاتهم المعبدة بالأخطار والرامية للحصول على قوت أبنائهم وكسب رزقهم، الأمر الذي قوض كافة مقومات قطاع الصيد وشل حركته، بالنظر أيضاً إلى الحصار البحري المفوض على القطاع، والذي امتد إلى منع إدخال معدات الصيد، حتى باتت جميع محركات الصيادين خارج نطاق الخدمة وعمرها الافتراضي انتهى، كل ما سبق ترك بظلاله على حياة الصيادين اليومية حتى أصبح أكثر من 90% بالمئة منهم تحت خط الفقر المدقع، وتسبب أيضاُ في خلق إشكاليات بين الصيادين أنفسهم نظرأ لضيق المساحة وعدم توفر معدات الصيد للصيادين.

أما على سطح اليابسة ومع دخول فصل الصيف شرعت البلديات باتخاذ جملة من القرارات المجحفة بحق صغار الصيادين وتحديداً أصحاب حسكات المجداف،وتمثلت في ترحيلهم من أماكنهم وهدم غرفهم بمساعدة الشرطة البحرية حتى يتم تأجير تلك الأماكن للاستراحات والكافتريات، وبالرغم من أن قانون الهيئات المحلية يمنح البلديات جملة من الصلاحيات المتصلة بتنظيم الأسواق العامة والشوارع والشواطئ، غير أن القانون يحتاج إلى تهيئة البيئة وجعلها مواتية لتطبيقه، مما يطرح التساؤل التالي: هل البلديات والجهات المختصة قامت بإنشاء موانئ ومراسي تكفي حاجة الصيادين لحفظ معداتهم ومراكبهم؟! بمعنى هل قامت بواجباتها التي يفرضها عليها القانون لصالح الصيادين ؟!.

هذا وامتد التهميش وانتهاك حقوق الصيادين على سطح اليابسة، ليطال حقهم في التقاضي أمام القضاء الطبيعي المكفول بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، حيث شرعت الجهات المسؤولة في قطاع غزة منذ مدة، إلى تحويل الصيادين للمحاكمة أمام القضاء العسكري وحبسهم وتغريمهم وحجز مراكبهم، وذلك خلافاً للمعايير القانونية الوطنية والدولية التي تقتضي عرض الصيادين على القضاء المدني باعتبارهم أشخاص مدنيين، تقتضي العدالة الناجزة أن يتم التقرير بشأنهم من قبل قاضي مدني يستطيع تقدير ظروفهم واحتياجاتهم.

يأتي كل ما سبق في ضوء غياب شبه واضح لنقابة الصيادين، التي تستمد وجودها وشرعيتها من واجب الدفاع عن حقوق ومصالح الصيادين، باعتبارها الإطار النقابي الذي تشكل من أجل حماية حقوق أعضائه، لا نقصد من وراء هذا النقد إلى إغراق السفن، أو التجريح بالآخرين، وإنما هي دعوة إلى استنهاض الهمم، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته وأدواره لإنقاذ قطاع الصيد من الهاوية، وبناء الخطط الإستراتيجية وبعيدة المدى لتعزيز صمود الصيادين ورعاية مصالحهم في ظل ما يتعرضون له في عرض البحر وفوق اليابسة.

لقد طالبنا على مدار السنوات السابقة وما زلنا بتشكيل هيئة عليا من كافة الأطراف المعنية بقطاع الصيد ينبثق عنها لجنة محلية موسعة لحل كل قضايا الخلاف بين الصيادين غير أننا لم نجد آذاناً صاغية، وذلك من أجل توفير حاضنة تحمى الصياد وتعزز صموده، وأيضًا توسيع اللجنة المختصة التي تعمل على حل مشاكل الصيادين وأن تكون لجنة نزيهة تعمل بشفافية عالية وأن تكون قرارتها علنية، وأن تًراعي البلديات مصالح الصيادين بما لها من سلطة تقديرية، وأن يتم توسيع وتنظيم أماكن الصيد وإيجاد الحلول الخلاقة والبديلة لإشباع حاجاتهم في حفظ معداتهم ومراكبهم، وعلى وزارة الزراعة التى تنظم عملية الصيد تحديد وبشكل واضح من هو الصياد وغير الصياد ومن غير المقبول أن يحمل التاجر والفني نفس تصريح الصيد.

حاصل القول فإن المطلوب خطة وطنية يضعها كل من له علاقة بقطاع الصيد من مؤسسات أهلية وحكومية وممثلين عن الصيادين بكافة مهنهم من حسكة المجداف حتى لنش الجر، لوضع مشروع قانون يحمى مصالح عناصر الانتاج، وليقف الجميع أمام مسؤولياته وصلاحياته حتى تحمى صيادنيا الذين رسموا حدود البحر بدمائهم ولم يبخلو عن الوطن بشئ.