حذّرت محافظة القدس من تصاعد الأنشطة العلنية التي تنفذها جماعات ما يسمى بـ"الهيكل"، مؤكدة أن هذه التحركات باتت تتجاوز حدود الشعارات الدينية لتتحول إلى مخطط منظم ومدعوم رسميًا يسعى لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك، يمسّ مكانته الدينية والتاريخية ويهدد طابعه الإسلامي الأصيل.
وقالت المحافظة في بيان لها، اليوم الخميس، إن ما يجري من تدريبات وطقوس واستعدادات لبناء "الهيكل المزعوم" لم يعد مجرد طرح فكري أو حلم أسطوري، بل مشروع استيطاني – استعماري تُشرف عليه جهات سياسية ودينية نافذة في منظومة الاحتلال، في محاولة لفرض السيادة الكاملة على المسجد الأقصى وتحويله إلى مركز عبادة يهودي، في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم.
وأوضحت أن جماعات "الهيكل" كثّفت في الآونة الأخيرة من تحركاتها الميدانية والإعلامية، من خلال مؤسسات تعليمية ودينية أبرزها مدرسة يشيفات هارهبايت، التي بثّت مقاطع مصوّرة تُظهر تدريبات عملية على تقديم القرابين الحيوانية وخياطة الألبسة الخاصة بالكهنة المزعومين، إلى جانب مجسمات هندسية تحاكي شكل "الهيكل الثالث".
واعتبرت المحافظة أن هذه الأنشطة تمثل محاولة ممنهجة لغسل الوعي العام وتهيئة المجتمع الإسرائيلي والعالمي لتقبّل فكرة إقامة الهيكل مكان الأقصى.
وبيّنت أن هذه التحركات تجري بتشجيع واضح من شخصيات متطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يعمل على تكريس مخطط "التقسيم الزماني والمكاني" في المسجد الأقصى، ويدعم بشكل علني اقتحامات المستوطنين لساحاته تحت ذريعة "حرية العبادة".
كما أشارت المحافظة إلى أن وسائل إعلام وشبكات تابعة لتلك الجماعات تبث مواد تحريضية خطيرة تدعو إلى هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وتعرض نماذج ثلاثية الأبعاد ومخططات هندسية للهيكل المزعوم، في خطوة تسعى إلى إظهار هذا المشروع كأمر وشيك التنفيذ لا كفكرة عقائدية بعيدة.
وأكدت محافظة القدس أن هذه الجماعات تحظى بدعم سياسي ومالي من وزراء ومسؤولين متطرفين، مثل بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلى جانب شخصيات برلمانية سابقة كموشيه فيغلين ويهودا جليك، مشيرة إلى أن هذا الدعم الرسمي يمنحها شرعية زائفة تتيح لها تنفيذ أنشطتها العدوانية بحرية.
وشدد البيان على أن هذه التحركات تأتي ضمن خطة تهويد شاملة تستهدف تغيير الواقع الديني والسكاني في القدس، عبر السيطرة على الأراضي الوقفية، ومصادرة منازل المقدسيين، وزرع القبور الوهمية حول المسجد الأقصى، إلى جانب تكثيف الحفريات في محيطه وأسفله بزعم البحث عن بقايا "الهيكل الأول والثاني".
وحذّرت المحافظة من أن استمرار الصمت الدولي وتقصير المؤسسات الأممية في مواجهة هذه الانتهاكات يمنح حكومة الاحتلال غطاءً لمواصلة مشاريعها التوسعية، ويدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر وعدم الاستقرار، داعية الدول العربية والإسلامية والمنظمات الحقوقية إلى تحرك عاجل وجاد لوقف هذا العدوان المتصاعد على المدينة المقدسة.
واختتمت محافظة القدس بيانها بالتأكيد على أن ما يُنفذ اليوم في القدس ليس مجرد ممارسات دينية متطرفة، بل مشروع استعماري متكامل يستهدف اقتلاع الوجود العربي والإسلامي من المدينة وطمس هويتها الحضارية، مشددة على ضرورة تضافر الجهود الرسمية والشعبية والإعلامية لتوثيق الانتهاكات وفضحها أمام المجتمع الدولي، حمايةً للمسجد الأقصى المبارك ولمكانة القدس في الوجدان الإنساني والإسلامي.