في تصريح أثار جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، قالت نائبة الرئيس الأميركي السابقة كامالا هاريس إن ما يجري في قطاع غزة يستوجب طرح سؤال الإبادة الجماعية "بموضوعية وشفافية"، مشيرة إلى أن أعداد القتلى المدنيين وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية "حقائق لا يمكن تجاهلها".
وجاءت تصريحات هاريس خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية، حيث أوضحت أن مصطلح "الإبادة الجماعية" هو توصيف قانوني يُحدده القضاء الدولي، لكنها شددت على أن ما يحدث في غزة من "قتل واسع للأطفال والمدنيين الأبرياء ورفض إيصال المساعدات الإنسانية" يستدعي التوقف الجاد أمام هذا السؤال.
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها هاريس بهذا الوضوح عن سلوك إسرائيل في غزة، وهو أقوى انتقاد تصدره تجاه تل أبيب منذ خسارتها انتخابات الرئاسة عام 2024 أمام دونالد ترامب. وكانت هاريس قد تجنبت سابقاً استخدام هذا المصطلح، مفضلة الحديث عن "مأساة إنسانية" بدلاً من "إبادة جماعية".
تزامن التصريحات مع نشر مذكراتها
تأتي تصريحات هاريس بالتزامن مع إصدارها كتاب مذكراتها الجديد "107 أيام"، الذي يوثّق تجربتها في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتتناول فيه أسباب خسارتها، ومنها تراجع الدعم بين الناخبين العرب والمسلمين في ولاية ميشيغان على خلفية مواقفها من الحرب في غزة.
وتقول هاريس في كتابها إن "التفكير الثنائي" في السياسة الأميركية — بين تأييد الفلسطينيين أو الإسرائيليين — "يمنع الأميركيين من التعامل بإنسانية مع معاناة الجانبين معاً".
انتقادات واحتجاجات
رافقت جولة ترويج الكتاب احتجاجات واسعة من قبل ناشطين مؤيدين للفلسطينيين اتهموا هاريس بـ"التواطؤ في جرائم الحرب" أثناء توليها منصب نائبة الرئيس جو بايدن، معتبرين دعمها لإسرائيل آنذاك جزءاً من "المأساة الجارية في غزة".
وردت هاريس على هذه الاتهامات بالقول:
"لم أكن رئيسة الولايات المتحدة حينها... من يريد الاحتجاج فليتجه إلى البيت الأبيض، لا إلى قاعات محاضراتي".
انتقادات لترامب ونتنياهو
وفي تصريحات لاحقة من نيويورك، هاجمت هاريس الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب متهمة إياه بمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "شيكاً على بياض" للقيام بما يشاء في غزة.
وقالت إن نتنياهو "قوّض جهود" إدارة بايدن السابقة في التهدئة، لأنه "كان يعلم أن استمرار الحرب يصبّ في مصلحة عودة ترامب إلى الحكم".
كما كشفت هاريس أنها حاولت مراراً إقناع بايدن بإظهار تعاطف أكبر مع الفلسطينيين على غرار الموقف الأميركي من أوكرانيا، لكنها اصطدمت — حسب قولها — برفض قاطع من داخل الإدارة.
تأتي هذه التصريحات في ظل تزايد الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي حول الموقف من الحرب في غزة، ووسط انتقادات متصاعدة لإدارة ترامب الحالية بشأن خطة السلام الجديدة التي تركز على نزع سلاح حماس دون وضوح بشأن مستقبل الدولة الفلسطينية.
ويُتوقع أن تثير ملاحظات هاريس جدلاً قانونياً وسياسياً جديداً في واشنطن، خصوصاً في ظل الضغوط التي تواجهها إدارة ترامب من المنظمات الحقوقية والكونغرس بشأن المساعدات العسكرية لإسرائيل.