منظمة التحرير الفلسطينية ضمن “دوائر الدولة”.. قرار رئاسي جديد ماذا يُعني؟

متابعة خاصة – مصدر الإخبارية 

أثار قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إدراج منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها، ضمن “دوائر دولة فلسطين”، موجة جدل في أوساط النشطاء والحقوقيين وغيرهم من المختصين، كما كان الأمر قضية للتداول عبر المنصات الاجتماعية.

ونصت الفقرة الأولى من القانون الذي اتخذ من يوم 8 فبراير 2022 موعداً لإصداره، ولم يتم نشره بعد في الجريدة الرسمية، على أن “دوائر الدولة هي منظمة التحرير ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها”.

قرار بهدف سياسي ليس قانوني

وتعقيباً على القرار الرئاسي، قال المركز الفلسطيني لاستقلال القضاء والمحاماة “مساواة”، إن القرار بقانون له مبتغى سياسي وليس قانونياً، وتم توقيعه دون تبيان النص القانوني الذي تم الاستناد إليه في القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته.

وأشار إلى أن القرار بقانون فيه مخالفته للمبادئ الدستورية من حيث الاختصاص ومبررات الإصدار التي جاءت منطوية على عديد من الانتهاكات والمثالب التي تمس بحقوق الإنسان ومبادئ “دولة القانون” ما يوجب عدم نشره والعمل على إلغائه.

وأضاف “مساواة”، في بيان صحفي، أن ديباجة القرار بقانون خلت من الإشارة إلى الالتزام الدستوري الموجب لعرض القرار بقانون على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدوره، وعلى الرغم من أن عدم الإشارة إلى ذلك لا يشكل إعفاءً من واجب العرض إلاّ أنه يُنبئ بعدم توفر النية والإرادة السياسية لإجراء الانتخابات التشريعية والعامة كمتطلب دستوري وحق للفلسطينيين.

وشدد على أن استناد القرار بقانون إلى ما أسماه الاطلاع على رأي مجلس القضاء الأعلى، يُشكل مخالفة صارخة للقانون الأساسي الفلسطيني.

القرار تجاوز خطير لمكانة منظمة التحرير الفلسطينية

ووفق “مساواة”، فإن ما ورد في المادة الأولى من اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية دائرة من دوائر الدولة، فيه تجاوز خطير لمكانة منظمة التحرير بوصفها شخصاً من أشخاص القانون الدولي العام والسلطة الفلسطينية تتبع لها وليس العكس، بما له من تبعات ومخاطر سياسية وقانونية.

وبين المركز الحقوقي، أن ما ورد في القرار بقانون ينطوي على مساس خطير بأحكام القانون الأساسي وحقوق الأفراد ويُشكل مخالفة صريحة للمادتين 10 و 32 من القانون الأساسي حيث حظر هذا النص على الأفراد إقامة أية دعوى مدنية تتعلق بالتعويضات عن انتهاكات حقوق الإنسان والتي صانتها المادة 32 والتي نصت على: “كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حُرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر”، في حين أن نص المادة الخامسة من القرار بقانون حظر سماع المحاكم لأية دعوى (مدنية) ضد دوائر الدولة سواء كانت أصلية أو متقابلة إلاّ إذا كانت لغايات أوردها النص على سبيل الحصر ولم تتضمن دعاوى التعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان.

وأوضح أن القرار بقانون بشأن “دعاوى الدولة”، يشير إلى الإخلال بمبدأ المساواة بمخالفة صريحة لأحكام المادة 9 من القانون الأساسي وجوهر مبادئه الدستورية.

ورأى “مساواة”، أن ما ورد في المادة 13 من القرار بقانون من وقف نفاذ قانون دعاوى الحكومة رقم 25 لسنة 1958 وتعديلاته لا يقوم مقام الإلغاء أو التعديل بل ينصرف إلى تجميد العمل وهو ما يُناقض مبدأ التطبيق الزماني للتشريع.

إنذار بانهيار مؤسسات النظام السياسي

من جانبها، قالت الهيئة الدولية “حشد” إنها تابعت باهتمام الاعتراض المجتمعي الذي قابل إصدار الرئيس محمود عباس؛ بتاريخ 08 فبراير/شباط 2022 قرار بقانون بشأن دعاوى الدولة؛ خاصة المادة الأولى منه؛ التي تلغي دور منظمة التحرير وتعتبرها دائرة من دوائر الدولة؛ فيما الحقيقة الراسخة أن السلطة أو الدولة قد شكلت بقرار من منظمة التحرير التي تعتبر الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

وعبرت الهيئة في بيان صحفي، وصل مصدر الإخبارية نسخة عنه، عن رفضها لهذا الخلط؛ الذي من شأنه المس بمكانة منظمة التحرير؛ مجددة رفضها لسيل التشريعات والقرارات بقانون التي تصدر عن الرئيس عباس.

وشددت على أنها تؤشر بوضوح لرغبة السلطة التنفيذية الإجهاز على ما تبقي من مبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية بما ينذر بتعميق أزمة وانهيار مؤسسات النظام السياسي.

وطالبت بالعمل الجاد لاستعادة الوحدة وإجراء الانتخابات الشاملة وعلى رأسها مجلس وطني جديد يمثل كل الفلسطينيين ويضمن تفعيل مؤسسات المنظمة والسلطة والاتفاق على عقد اجتماعي وبرنامج وطني واستراتيجية نضالية شاملة تحدد أدوار ووظائف السلطة ومتطلبات الانتقال لتجسيد الدولة.

وقالت إنه لحين استكمال مهام التحرر الوطني والحصول على الحقوق الفلسطينية بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس يجب الحفاظ على المنظمة وإعادة تفعيلها على أسس الشراكة والوحدة الوطنية.

منظمة التحرير الفلسطينية قضية للتداول عبر المنصات الاجتماعية

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تداول نشطاء وحللين سياسيين القضية، معبرين عن استنكارهم لتفرد الرئيس والسلطة الفلسطينية باتخاذ القرارات دون وجه حق.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة، ” ‏عباس يترأس اجتماع للجنة التنفيذية… قال فيه: “هذا الاجتماع الأول بالإضافات التي تمت بها، لتقوم بواجبها على أكمل وجه تجاه الشعب الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير؛ الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وقضيتنا”.

وأضاف الزعاترة في تغريدة له على منصة “تويتر”، “الحق أنها لم تعد تمثّل شعبنا، هي فقط تمثّل فئة تسير على نهج يتناقض مع ضميره”.

بدوره قال الناشط الإعلامي د. فايز أبو شمالة إن “‏اللجنة التنفيذية التي تعترف بها إسرائيل ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، اجتمت وأصدرت بياناً يفول:”ندعو جميع الفصائل الفلسطينية للمشاركة الفعالة بالمقاومة الشعبية والتصدي لقطعان المستوطنين واعتداءاتهم”

وأضاف، في تغريدة على “تويتر”، “من يسمع هذه الدعوة، يظن أنهم يتقدمون الصفوف، ويواجهون المستوطنين!”.

من جانبها، قالت الباحثة والحقوقية الفلسطينية غدير عواد، في تغريدة إن “‏السيد الرئيس يصدر قرار بقانون يقضي بتحويل ‎#منظمة التحريرالفلسطينية إلى دائرة، هذا فعل الابن العاق الذي تخلّى عن والديه”.

الدكتور عزت الرشق، عقب على القرار عبر تغريدة قال فيها: ” هكذا  يواصلون تهميش  و(إهانة)  م.ت.ف  البيت المعنوي للفلسطينيين !!!”.

وأضاف، “الرئيس محمود عباس يصدر قراراً بقانون يتضمن إدراج منظمة التحرير ومؤسساتها ضمن “دوائر دولة فلسطين”.

وغرّد الكاتب والمحلل السياسي إياد جبر عبر “تويتر”، معلقاً على الأمر: “‏رغم تنامي المعارضة لمنظمة التحرير، إلا أن قيادات الفصائل لا تجرؤ على الحديث عن إيجاد بديل لها! “.

وأضاف، “إذا كانت أعلى هيئة سياسية في منظمة التحرير ممثلة بحسين الشيخ مسؤولة عن التنسيق الأمني ، ما الذي يجبر قيادة  الفصائل أو حتى الشعب على إحترامها!؟”.