الفدائي الذي لا نعرفه!

أقلام _ مصدر الإخبارية

بقلم/ خالد صادق

اشتعلت الضفة في وجه الاحتلال الصهيوني, وخرج ذاك الفدائي الذي لا نعرفه يحمل سلاحه فوق ظهره ويفتش عن المحتلين الغاصبين سارقي الأوطان, خرج ذاك الفدائي الذي لا نعرفه ليسيء وجوه بني صهيون, تسلح بإيمانه وعزيمته وارادته التي لا تقهر, وتسلل في جنح الظلام ليشتبك مع ذاك الجندي الغاصب الذي يدفعه جبنه الى ان يرتدي وسائل الحماية حول جسده, ويحتمي في دائرته من خلال الحواجز العسكرية التي تهدف لمنع الفدائي من الوصول اليه ثم يحتمي في قلبته المحصنة بأكياس الرمل والزجاج الواقي من الرصاص والفولاذ المانع للاختراق.

ولكن كل هذه الحصون تتهاوى تحت اقدام ذاك الفدائي الذي لا نعرفه, والذي يحمل مهمة إساءة وجوه بني صهيون, خرجت كتيبة جنين من عرينها لتشتبك مع جنود الاحتلال الصهيوني في مواقع عديدة والتقت رصاصات المجاهدين أبناء سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في بلدة يعبد, مع المقاومة في بلدة بيتا جنوب نابلس, والتحمت حجارة الشبان المنتفضين في قرية برقة وبلدة بيتا مع المقاومة وسطرت ملحمة بطولية زلزلت اركان الاحتلال, وأصيب اكثر من 53 فلسطينيا في نابلس التي أعلنت الحداد على أرواح الشهداء الثلاثة الابطال, وامام هذا الحراك الجماهيري فر جنود الاحتلال الى قلاعهم المحصنة, والتزموا بنصائح زعيم عصابتهم بيني غانتس “صديق عباس المقرب” بأخذ كل خطوات الحيطة والحذر لأنه يعلم ان الشعب الفلسطيني سيرد على جريمة جيشه النازي, وسيثأر لدماء الشهداء الابرار, فلم تمهله المقاومة كثيرا حتى خرجت عليه كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي لترغمه على التحصن داخل قببه.

كتيبة جنين توعدت قوات الاحتلال بمزيد من العمليات النوعية واستهداف مواقع وحواجز الاحتلال رداً على الجريمة البشعة في نابلس. وبالتزامن من تصاعد العمليات المسلحة، اشتعلت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال وعدد من الفلسطينيين الذين أصيبوا خلال مواجهات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية. ففي بلدة الخضر جنوب بيت لحم، اندلعت مواجهات في منطقة “دار أبو العسل” قرب جدار الفصل الأمني غرب البلدة، أطلق خلالها جنود الاحتلال قنابل الغاز والصوت تجاه المواطنين ومنازلهم، ما أدى إلى وقوع إصابات بالاختناق، وقالت مصادر أمنية، إن مواجهات اندلعت في منطقة “باب الزاوية” وسط الخليل، أطلق خلالها جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية صوب المواطنين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق. وفي نابلس، اندلعت مواجهات في بلدتي “بيتا” و”حوارة” جنوبي نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وأطلقت سماعات المساجد نداءات للمشاركة بمسيرة باتجاه مفرق البلدة، للتصدي للمسيرات الاستفزازية التي يعتزم المستوطنون تنفيذها، وتنديداً بجريمة اغتيال ثلاثة شبان بمدينة نابلس. كما وقعت مواجهات على شارع حوارة الرئيس، ورشق الشبان قوات الاحتلال بالحجارة، واعتقل الاحتلال فتى في الثالثة عشرة من العمر واقتاده لجهة مجهولة، ويخشى الاحتلال من زيادة رقعة المواجهة واتساع دائرة العمليات الفدائية، ووفق التنسيق الأمني المتبع بين السلطة و”إسرائيل” فان هناك اجتماعات مكثفة للسيطرة على الشارع الضفي، وعدم السماح بالتصعيد الشعبي او المقاوم، لكن حالة الغضب الشعبي أكبر من ان تحتويها السلطة او الاحتلال الصهيوني نظرا لفداحة الجرم.

لا زال ذاك الفدائي الذي لا نعرفه يرفض ان يميط اللثام عن وجهه، ويأبى ان يضل الطريق، ولا تنحرف بوصلته عن وجهتها المصوبة نحو الاحتلال، لا يسعى لمال وجاه ومنصب انما كل همه ان يرضي ربه ويلقاه شهيدا خالصا لوجهه الكريم، يقولون: “إن الثورة يفجرها المظلومون، ويشعلها الأبطال، ويموت فيها الفقراء والمستضعفون.. ويستفيد منها الجبناء والانتهازيون”! فمن أي صنف انت في كل هؤلاء، اقرأ نفسك جيدا وستعرف.

 جاء رسول جيش المسلمين في معركة نهاوند ليذكر أسماء شهداء المعركة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وارضاه، فذكر له بعضهم وقال وآخرين لا تعرفهم يا أمير المؤمنين! فجعل عمر يبكي ويقول: وما ضرهم ألا يعرفهم عمر؟ ولكن الله يعرفهم، وقد أكرمهم بالشهادة، وما يصنعون بمعرفة عمر؟! ويحَ أمِّ عمر!, وكتيبة جنين التي تزرع الرعب في صفوف الجنود الصهاينة من يعرف أسمائهم سوى ربهم عز وجل وكذلك المجاهدين الاطهار من أبناء القسام والمقاومة لا احد يعرفهم سوى ربهم عز وجل, فهم نذروا انفسهم لله ومن اجل الله وفي سبيل الله, فكن كالفدائي الذي لا نعرفه، فالبيعة بينه وبين ربه، يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله: “نحن بحاجة إلى زعماء بلا مجد وبلا شهرة وبلا بريق، في حاجة إلى جنود مجهولين، في حاجة إلى فدائيين حقيقيين لا يعنيهم أن تصفق لهم الجماهير، ولا يعنيهم أن تكون أسماؤهم على كل لسان وصورهم في كل مكان”.

إن صناع التاريخ، ليسوا هؤلاء الذين يرفلون في الجوائز والحلل والمكافآت، وقد وصلوا لها عبر امتطاء قضايا أبناء جلدتهم الذين يعيشون في المنافي والمخيمات! إن صناع التاريخ الحقيقيين هم أولئك المجهولون المتوارون عن الأنظار، الذين يعملون بصمت، ويعطون بسخاء، لا يعرفهم أحد سوى قضاياهم وأعمالهم الزكية، حتى إذا ماتوا عرفهم الجميع، واهتزت لهم الأوطان، وشهدت بعظيم تضحياتهم وجميل عطائهم، أولئك هم العظماء حقا.. ولو لم يعرفهم أحد!، هم رمز للعطاء وانكار الذات ونحسبهم عند الله من المتقين الاخيار.

Exit mobile version