بشكل متزامن، اعترفت كل من بريطانيا وأستراليا وكندا، اليوم الأحد، بدولة فلسطين، قبل أن تتخذ البرتغال الخطوة نفسها، مساء اليوم.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين، في تحوّل جذري بالسياسة الخارجية للمملكة المتحدة. وقال ستارمر، في كلمة مصوّرة نُشرت على منصة إكس: "اليوم، لإحياء الأمل بالسلام للفلسطينيين والإسرائيليين، وحل الدولتين، تعلن المملكة المتحدة رسمياً الاعتراف بدولة فلسطين".
ويحمل هذا القرار ثقلاً رمزياً بالنظر للدور الرئيسي الذي لعبته لندن في قيام إسرائيل بصفتها دولة حديثة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الأحد، أن بلاده اعترفت بدولة فلسطينية. وقال كارني، خلال الاعتراف، إن "إسرائيل تعمل بشكل مُمنهج لمنع قيام دولة فلسطينية". وأضاف أن اعتراف كندا بدولة فلسطين يأتي ضمن جهد دولي منسق لتحقيق حل الدولتين.
وأكد أنه على حركة "حماس" إطلاق سراح جميع المحتجَزين ونزع سلاحها وعدم القيام بأي دور في حكم فلسطين مستقبلاً.
بدورها، اعترفت أستراليا، اليوم، بدولة فلسطين، وقالت إن ذلك يأتي في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق حل الدولتين.
وقالت أستراليا إن "إقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارات مع فلسطين يعتمدان على مدى التزام السلطة الفلسطينية بتحقيق إصلاحات". وأضافت أن "المجتمع الدولي يعكف على وضع خطة سلام تتيح إعادة إعمار قطاع غزة وبناء قدرات الدولة الفلسطينية وضمان أمن إسرائيل".
وأعلنت البرتغال، مساء الأحد، اعترافها بدولة فلسطين. وصرّح وزير الخارجية البرتغالي باولو رانغيل، لصحافيين في نيويورك، عشية بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن "الاعتراف بدولة فلسطين هو تنفيذ لسياسة أساسية وثابتة وتحظى بقبول واسع".
وأضاف أن "البرتغال تدعو إلى حل الدولتين كسبيل وحيدة نحو سلام دائم وعادل، سلام يعزز التعايش والعلاقات السلمية بين إسرائيل وفلسطين".
السلطة وحماس تُرحبان
رحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالاعترافات بالدولة الفلسطينية، مؤكداً أن ذلك سيفتح المجال أمام تنفيذ حل الدولتين. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن عباس قوله إن هذا الاعتراف يشكل "خطوة هامة وضرورية على طريق تحقيق السلام العادل والدائم وفق قرارات الشرعية الدولية".
وعَدَّ عباس أن "الأولوية، اليوم، هي لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، والإفراج عن جميع الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وتولِّي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة والذهاب إلى التعافي وإعادة الإعمار ووقف الاستيطان وإرهابِ المستوطنين".
ورحّبت الخارجية الفلسطينية باعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين، وأعلنت "استعدادها وجاهزيتها" لإقامة "أوثق وأصدق" العلاقات مع الدول الثلاث.
وقالت الوزارة، في بيان، إن اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين يعزز الجهود الدولية والإقليمية لوقف الحرب الإسرائيلية، مشيرة إلى أن وقف هذه الحرب هو "المدخل الصحيح لتحقيق التهدئة وإيجاد أفق سياسي لحل الصراع".
من جانبه، وصف حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، اعتراف كندا وبريطانيا وأستراليا بدولة فلسطين بأنه "يوم تاريخي في حياة الشعب وحقوقه المشروعة".
ورحّب قيادي في حركة "حماس" بالاعتراف بدولة فلسطين، وعَدَّه "انتصاراً للحق الفلسطيني". وقال محمود مرداوي، لـ"وكالة الصحافة الفرنسية"، إن هذه "التطورات تمثل انتصاراً للحق الفلسطيني وعدالة قضيتنا، ورسالة واضحة أن الاحتلال مهما تمادى في جرائمه فلن يتمكن من طمس حقوقنا الوطنية".
وأعلنت دول أخرى؛ منها البرتغال وفرنسا، أنها ستعترف بدولة فلسطينية، بينما سبق أن اتخذت إسبانيا وآيرلندا والنرويج هذه الخطوة، العام الماضي.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن الاعترافات بدولة فلسطين "تُصحح خطأ تاريخياً امتدّ سنوات".
وأضاف أبو الغيط، في منشور بحسابه على منصة إكس: "أُرحب باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا بدولة فلسطين المستقلة. هذا الاعتراف يُصحح خطأ تاريخياً امتدّ لسنوات ويتناغم مع مطالب شعوب تلك الدول بتأييد الحق الفلسطيني الأصيل في الاستقلال والعيش بكرامة. نترقب مزيداً من الاعترافات الدولية ذات التأثير".
رفض إسرائيلي ودعوة لضمّ الضفة
قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد، إن الاعترافات بدولة فلسطينية "لا تعزز السلام، بل تزيد من زعزعة استقرار المنطقة وتقوّض فرص التوصل إلى حل سلمي في المستقبل".
وندّدت الخارجية الإسرائيلية بموقف السلطة الفلسطينية، قائلة إنها "لم تفِ بأيٍّ من التزاماتها، وهي جزء من المشكلة وليس الحل"، مؤكدة أن إسرائيل "لن تقبل، بأي حال، إجبارها على قبول حدود لا تستطيع الدفاع عنها".
وفي وقت سابق، اليوم، قالت الخارجية الإسرائيلية إن إعلان بريطانيا وكندا وأستراليا الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمثل مكافأة لحركة حماس. وأضافت، في بيان، أن قادة الحركة الفلسطينية "يقرّون علناً بأن هذا الاعتراف نتيجة مباشرة" لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
كما وصف رئيس الكنيست الإسرائيلي، أمير أوحانا، الاعتراف بدولة فلسطينية بالأمر "المُشين".
من جانبه، دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الأحد، إلى أن تضمّ إسرائيل الضفة الغربية المحتلة، عقب اعتراف كلّ من بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين.
وقال بن غفير، في بيان، إن "اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بدولة فلسطين يستوجب اتخاذ خطوات فورية مضادة (تتمثل) بفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة)، وتفكيك السلطة الفلسطينية". وأضاف: "أعتزم تقديم مقترح لفرض السيادة، في جلسة الحكومة المقبلة".